الرسائل النصية وهدم قواعد اللغة الفصحى

- Elaph Translation Blog - الرسائل النصية وهدم قواعد اللغة الفصحى

الرسائل النصية وهدم قواعد اللغة الفصحى

هل تعتقد أن كتابة الرسائل النصية بين الشباب تؤدي إلى الإخلال بأدب الكتابة؟ للإجابة عن هذا السؤال يجب أن نفهم ماهية اللغة وكيف أن الرسائل النصية القصيرة لا تُعد كتابةً بالمعنى الحرفي. عند بدء الخليقة ظهر التواصل الشفهي، ثم في مرحلة متطورة جاءت الكتابة، تتطلب الكتابة وعيًا؛ إذ إنها تفترض القدرة على استخدام المحتوى المكتوب في استرجاع المعلومات والاستفادة منها، الأمر الذي لا يُمكنك فعله إذا كنت تتحدث فقط. نحن –البشر- لا نتحدث هكذا عادةً؛ إذ إننا نميل إلى الكلام في مرونة وجمل قصيرة. اللغة والكلام شيآن مختلفان بيد أن بينهما نوعًا من التداخل. فعلى سبيل المثال، في الخطابات الرسمية التقليدية، يبدأ المتحدث الكلام بصورة غير رسمية في تحية الجمهور بكلمة قصيرة مثل “سيداتي سادتي” ثم ينتقل إلى الصورة الرسمية للخطاب في جمل طويلة مكتوبة مسبقًا. يرغب بعض الأفراد في أن يكون التحدث مثل الكتابة، في الماضي كان ذلك مستحيلًا حيث إنه من الناحية الميكانيكية لم توجد الوسائل الملائمة لذلك، وقد كان ذلك مستحيلًا يدويًّا، ومن ثم كان الاتصال محدوداً حتى باستخدام آلة كاتبة يدوية، وحتى مع ظهور آلات كاتبة كهربائية ولوحة مفاتيح الحاسوب الشخصي التي تكتب بسرعة تواكب سرعة الكلام الطبيعي، فإن ذلك يستلزم أن يكون هناك من يتلقَّى رسالتك سريعًا.

ليست هناك طريقة لتكتب مثلما تتكلم أفضل من الرسائل النصية! لا تفترض الرسائل النصية شكلًا منظمًا بعينه، ولا تلتزم بقواعد الإملاء أو علامات الترقيم. هل تفكر في ذلك حين تتكلم وتكتب؟ على الأغلب لا. على الرغم من كونها مثيرة للاهتمام إلا أن البعض يرى أن الاسترسال في بنية الرسائل النصية وعدم الاهتمام بالقواعد النحوية فيها يُعد نوعًا من التدهور اللُغوي. في حقيقة الأمر إنه ليس تدهورًا بقدر كونه تعقيدًا في كتابة هذا النوع من النصوص وفهمه. هل فكرت وأنت تستخدم مصطلح مثل lol ماذا يعنى حقاً؟ عادة نظن أنها تعني “الضحك بصوت عالٍ”، وهذا صحيح نظريًّا، إلا أنها لم تعد تعني ذلك عند مستخدمي الرسائل النصية فقد تطورت إلى شيء أقل حدةً، فعلى سبيل المثال حين نقول:( LOL شكرًا الإيميل بطيء الآن!) فالأمر ليس مضحكًا بل –في الأغلب- نوعًا من التعاطف أو المجاملة كأن نقول: (LOL ينبغي أن اكتب تقريرًا من 10 صفحات!) يمكننا أن نقول إن الرموز التقليدية للغات المنطوقة تطورت لتُشكل معلومات جديدة. هل هذا أمر مُقلق؟ غالبًا لا. فبالتأكيد يوجد من لا يستطيعون تهجئة الحروف الأبجدية بصورة سليمة أو تحدث الفصحى بطلاقة، لكن حين يستخدم شباب اليوم الرسائل النصية فأنهم يُطورون مهارات خاصة بالإضافة إلى مهارات الكتابة العادية، ما يعني أنهم قادرون على القيام بالأمرين دون المساس بأيٍّ منهما.

أتعلم أنك إذا كنت تتحدث لغتين فهذا أمر مفيد معرفيًّا، كذلك إذا كنت تمتلك لَكْنتين، وحين يتعلق الأمر بكتابة الرسائل النصية فهذا أشبه بامتلاك لكنتين في الكتابة أيضًا: لكنة تقليدية فُصحى، وأخرى شبابية عامية. ففي حقيقة الأمر، تُعد الرسائل النصية في الواقع دليلًا على الموازنة اللاواعية التي يقوم بها الشباب لتوسيع ذخيرتهم اللغوية. وبالتأكيد فإن تطور لغتنا سيستمر أكثر فأكثر مستقبلًا.

Share:

Leave A Comment